ثورة الإمام الحسين (ع).. تجسيد لسطوة الفعل المناهض للإرهاب
زينب فخري
بغداد: شبكة ع.ع .. تعدّ ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) أنموذجاً فريداًلمقارعة الظلم وقوى الشر.
إذ جسدت ملحمة الطف سطوة الفعل الحقيقي المناهض للإرهاب والإذلال ومثلت معنى خاذاً لسمو الذات المضحية من أجل غايات إنسانية نبيلة.
هذه الثورة التي كتب لها التاريخ الخلود لنضجها الفكري وعمقها الإنساني ونقائهاأصبحت مناراً يقتدي به أحرار العالم لنبذ الاستبداد والقهر والظلم وفكراً تستضيء به الأمم التي تعتز بكرامتها.. فالركب الحسيني سطر في العاشر من عاشوراء من عام 61 للهجرة منظومة فكرية ومعرفية تهدف للنهوض بالواقع الإنساني ولإرساء قواعد بناء حضاري عالمي..متآخي متوحد لدحر قوى الشر والظلم والتعسف..
لقد استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) من أجل قواسم مشتركة تجاهد من أجلها الأمم والشعوب ألا وهي تحقيق العدالة والوقوف بوجه الظلم والطغيان.. وكلّ مايصبو إليه التطلع الإنساني.. والدليل كان لها صداها المؤثر حتى عصرنا هذا رغم مضي 14 قرناً على استشهاده مع ثلة من أصحابه.. والمتصفح لكتاب التاريخ يلاحظ مدى تأثر أحرار العالم بهذه الثورة: فهذا زعيم الهند غاندي يقول في كتابه (قصة تجاربي مع الحقيقة): ” أنا هندوسي بالولادة ومع ذلك فلست أعرف كثيراً عن الهندوسية وأني اعتزم أن أقوم بدراسة دقيقة لديانتي نفسها وبدراسة سائر الأديان على قدر طاقتي”. وقال:” وبعد دراسة عميقة لسائر الأديان عُرف الإسلام بشخصية الإمام الحسين”، وخاطب الشعب الهندي بالقول المأثور على الهند “إذا أرادت أن تنتصر عليها أن تقتدي بالإمام الحسين”.
وقد كان تأثر غاندي بشخصية الإمام الحسين تأثراً حقيقياً وركّز على مظلومية الإمام الحسين بقوله: “تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر”. أما الباحث المسيحي انطوان بارا فيقول: “لو كان الحسين مسيحياً لرفعنا له لواء في كلّ بقاع المعمورة واستفدنا منه لدعوة جميع البشرية إلى الديانة المسيحية”. أما الزعيم الصيني “ماوتسي تونغ” فنقل عنه قوله أنّ ثورة الإمام الحسين بن علي وفي معركة كربلاء لهي ملهمة لكلّ الثائرين في وجه الظلم والساعين إلى العدالة والحق والاستقامة، وما قاله حينما زاره ياسر عرفات أواخر الستينات للتعلم من الثورة الصينية:”عدّ إلى وطنك فعندكم أيُّها العرب الثورة الحسينية فتعلم منها”..فيما قال الكاتب الأيرلندي برنارد شو: “كلّ الثورات أكلت رجالها إلا ثورة الحسين خلدت رجالها”.
واليوم والعراق يمرّ بمرحلة حرجة من تاريخه في مواجهته لقوى الشر والظلام والمجاميع الإرهابية التي استباحتأراضيه وانتهكت الأعراض وشردت المئات من منازلهم.. وارتكبت مجازر وجرائم بحق الإنسانية..واستهدفت كلّ طوائفه ومكوناته: الأيزيدية والكوردية والمسيحية والشيعية والسنية دون استثناء..فهو بأمس الحاجة لاستلهام والاستضاءة بنور الثورة الحسينية.. فشهر عاشوراء شهر التحدي ومحاربة الطواغيت ورفض الظلم والانصياع للظالمين ونبذ العنف والإرهاب..
نستلهم من هذه الشخصية الفذة ومهما تنوعت الرؤى والحيثيات والمعطيات: الصبر والثبات في مواجهة الجهلوالشر وفي مقارعة الظلم والمطالبة بالعدالة والدفاع عن المظلومين والتضحية والفداءونبذ سياسة التكفيروالطائفية المقيتةوالكراهية وكبح حب الذات والمصالح الفطرية..
فما أحوجنا ونحن نواجه مدّ الجماعات التكفيرية الإرهابية التي ارتكبت تحتراية الإسلام القتل والسلب والنهب واغتصاب النساء وتشريد وتهجير العوائل..لاستلهام هذا الأنموذج ونقتبس منه هذا الفيض الإلهي.. وهذا الدفق المؤثر للدفاع عن الوطن..
ولتكن كلماته (عليه السلام) مفتاحاً لصراعنا مع قوى الشر، إذ قال: “فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما”.. ومازال صدى كلماته يقرع مسامعنا: ” والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد”، لتشكل دستوراًللسلام والتآخيوالمحبة.. تعلمنا الانتصار للمبدأ والحضارة والفكر والمعرفة لا للتطرف الأهوج والعصبية والقومية والإرهاب.. تعلمنا المسؤولية واحترام الرأي.. ومواجهة كلّ أنواع الانحراف الثقافي والاجتماعي والسياسي..
ويبقى الإمام الحسين ثورة لن تنطفئ جذوتها.. فهو المنتصر بالشهادة على حياة الهوان.. فكان مشروع سلام مازال ينتظر أن يتحقق..