معايير الانحراف بين الخوارج والخارجين عن القانون
معايير الانحراف بين الخوارج والخارجين عن القانون
قيصر الصحاف
لم تكن معركة النهروان التي خاضها جيش الكوفة بقيادة الامام علي عليه السلام حدثاً عابراً بل أسست معاييراً للتفريق بين الشعارات الحقة والمزيفة، فقد رفع الخوارج شعار (ما الحكم الا لله) وكفّروا كل من خالفهم الرأي واباحوا دمه حتى وصل بهم الضلال الى قتل الامام علي (ع) بعد ان طالبوه بالتوبة عن قضية التحكيم التي جرت بين (ابو موسى الاشعري) و (عمرو بن العاص) والتي افضت الى انهاء حرب صفيّن بطريقة أثارت جدلاً تأريخياً كبيراً.
أعتقد ان ظاهرة الخوارج لم تنته بانتهاء شخوصها لانها تمثّل انحرافاً فكرياً يصور لاصحابه انهم حق مطلق يبيح لهم التمرد على السلطة الشرعية، لذا نجد ان هذا العنوان (الخوارج) اطلق على عدة جماعات منحرفة وآخرها جماعة داعش الإرهابية التي اتخذت (التوحيد والجهاد) شعارات لارتكاب أبشع جرائم العصر الحديث.
والمتتبع للتاريخ يجد ان الصفة الجامعة لكل من اطلق عليهم هذا العنوان هي اتخاذ شعارات الاسلام غطاءً لانتهاك الحرمات وممارسة السلوك اللاشرعي، لذا يمكن القول إن اية جماعة تتخذ من الشعارات الاسلامية غطاء لتبرير سلوكيات غير شرعية يمكن ان تندرج تحت هذا العنوان (الخوارج).
واذا نظرنا الى سلوكيات بعض الجماعات الاسلامية (الشيعية) في العراق سنجد أنها تتخذ من شعارات المقاومة والإصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر شعارات لتبرير سلوكياتها اللاشرعية واللاقانونية.
وبالرجوع الى آراء كبار فقهاء المذهب الجعفري نجد أنهم متفقون على الزام مقلديهم بعدم مخالفة القانون والتقيّد بتعليمات السلطات الرسمية ويحرّمون كل سلوك يتنافى مع هذا المبدأ.
ومع ذلك نجد هذه الجماعات مصرّة على سلوكياتها التي أرهقت الدولة وجعلتها غرضاً للسخرية والتنمر الاعلامي، فعن اي مقاومة اسلامية تتحدثون وانتم تخالفون شرع الاسلام في اضعاف بلدكم وإثارة خطاب الفرقة والانقسام والكراهية بين أبناء بلدكم!!
أخيراً اقول لكم .. لقد افرغتم مفهوم المقاومة من محتواه المقدس وجعلتموه يرتبط بالعنف والقتل والسلاح المنفلت ومخالفة القانون وانتهاك الحرمات.