الانتخابات الأميركيَّة ومنطقتنا
نرمين المفتي
كثرت المناقشات والحوارات، سواء على الفضائيات العراقية والعربية، أو في الصحف عن الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد انسحاب المرشح الديمقراطي والرئيس الحالي جو بايدن من السباق الانتخابي، ودائماً هناك سؤال من هو الافضل للمنطقة العربية عامة وقضية فلسطين خاصة، كاملا هاريس (نائبة بايدن حاليا والمرشحة المؤكدة تقريبا للحزب الديمقراطي)
أو الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري الحالي دونالد ترامب؟ وأكاد أجزم أن هذا السؤال يتردد مع تغيير اسماء المرشحين في كل انتخابات أميركية بعد نكسة حزيران في 1967، ليصبح اكثر ترددا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، ولم تتغير السياسة الخارجية الأميركية الخاصة بالشرق الاوسط كثيرا وإن تغيرت فدائما نحو الاسوأ، بمعنى ان هناك هذه السياسة كانت دائما مع المصالح الأميركيَّة ومحاولات الهيمنة على المنطقة ولأجل إدامة الهيمنة كانت دائما مع الكيان الصهيونى وحمايته تحت ذريعة (حق الدفاع عن النفس). على أية حال، يتناسى معدو البرامج السياسية ومقدموها بأن الناخب الأمريكي حين يذهب للتصويت لا يفكر بسياسة ادارة البيت الأبيض الخارجية، انما يفكر بالبرنامج الذي طرحه المرشح بما يخص السياسة الداخلية وخاصة في التأمين الاجتماعي والصحي والضرائب والبطالة والهجرة، والناخب الذي يفكر بالسياسة الخارجية هو الذي يرتبط باللوبي الصهيوني القوي والثري في الولايات المتحدة الأميركيَّة والذي تقوده (ايباك- لجنة الشؤون العامة الأميركيَّة الاسرائيليَّة) أو يقع تحت ضغط هذا اللوبي لسبب أو آخر وتوصف بأنها من احدى مجموعات الضغط الأكثر نفوذا في أمريكا وهدفها معلن في الدفاع عن الكيان الصهيوني ومساندة كل من يعمل في الدفاع عن هذا الكيان والمحافظة عليه ودعمه ماليا وإسقاط من يتجرأ أن يقول كلمة ضده، كلمة وليس فعلا. بينما الأميركان العرب والمسلمون لم يفكروا ان يؤسسوا مجموعة ضغط خاصة بهم. لكن الانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني القادم قد تتأثر بحرب الابادة التي لا تزال مستمرة ضد غزة منذ تشرين الاول الماضي والتي رفض طلبة جامعات أميركية عريقة، من خلال تظاهرات واعتصامات مساندة البيت الأبيض للكيان وحربه، فضلا ان العديد من الولايات شهدت تظاهرات حاشدة للتنديد بالسياسة الأميركيَّة الداعمة للكيان، اقول (قد) لأن بين هؤلاء المتظاهرين ناخبين، علما بأن المرشحين الديمقراطي والجمهوري لا يختلفان في دعمهما لحق الكيان في (الدفاع عن النفس)! وغالبا فان هؤلاء سيقاطعون التصويت. ونستطيع ان نقرأ سياسة البيت الأبيض الخاصة بمنطقتنا بعد الانتخابات والتي ستحافظ على المصالح الأميركيَّة قبل كل شيء والفرق الذي اراه بين الديمقراطي والجمهوري، هو أن الاول ينفذ هذه السياسة بشكل غير مباشر انما الثاني واضح جدا ومباشر في تنفيذه. هناك حل الدولتين الذي يشير اليه المرشحان، حل قد يجلب السلام! باستمرار الكيان قويا بينما دولة فلسطين محددة المساحة والاقتصاد وبلا جيش! وستركز هذه السياسة على الحد من التمدد الصيني اقتصاديا في المنطقة وستلجأ إلى خطط لحلب موارد المنطقة المعدنية والمالية، من خلال وعود قد تصدق بالتي لا فائدة منها، ومن بينها بيع الأسلحة الحديثة والمتطورة إلى عدد من دولها والتي لا تستخدمها انما تحتفظ بها، كما يقول حكامها، للدفاع عن النفس من عدو تعرف هذه السياسة وأقصد الخارجية الأميركيَّة. وإن كانت غزة نجحت في أن تجعل القضية الفلسطينية في أجندة المرشحين، فإن السياسة الخارجية الأميركيَّة، ازاء منطقتنا لن تتغير ما لم تتغير سياسة حكام دولها من الانصياع والخوف إلى سياسة تعرف كيف تحافظ على مصالحها، ازاء المصالح الأميركيَّة، وهذه قطعا أمنية إن لم تكن مستحيلة التحقيق فإنها غير ممكنة في الوقت الحالي..