العمالة الأجنبية ودورها في اخراج الدولار من العراق
بواسطة 10:38:18 || 24 أغسطس 2024 »
عدد المشاهدين : 178 views » طباعة المقالة :
»
الوقت \ التاريخ :
تعد العمالة الأجنبية ظاهرة متزايدة في العراق في السنوات الأخيرة، وقد أثارت هذه الظاهرة الكثير من الجدل والنقاشات بشأن تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي على البلاد، ومن بين القضايا الرئيسية المرتبطة بالعمالة الأجنبية هو تأثيرها على العملة الوطنية، وخاصة فيما يتعلق بخروج العملة الصعبة مثل الدولار من الاقتصاد العراقي.
أصبحت العمالة الأجنبية الوافدة إلى العراق محطاً للاهتمام المحلي لما لها من تأثير اجتماعي واقتصادي ومالي، ولا يخفى على الجميع أن البلاد تمر بأزمة “بطالة” كان لها تأثير كبير على سوق العمل المحلي، وفي كلتا الحالتين بسبب تواجد تلك العمالة سواء أكانت رسمية أم غير رسمية، فبحسب تصريح وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، ان هنالك أكثر من مليون عاملٍ أجنبي متواجد على الأراضي العراقية.
إن هذا الكم الهائل من العمالة يضع العراق أمام تحدٍ محلي مهم وله تداعيات اجتماعية ومالية واقتصادية، إذ إنَّ في إحصائية أخرى للوزارة ذاتها، أن هناك (71،146) عاملاً أجنبياً لديه تصريح للعمل فقط، وهذهِ دلالة على أنه لدينا أكثر من مليون عامل اجنبي لا يمتلك تصريحاً رسمياً، فضلاً عن أن في الوقت ذاته قال رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق: “هنالك مليون و500 ألف أجنبي عامل في العراق”.
الإحصائيات التي ذُكرت أعلاه قابلة للزيادة والنقصان، كونها لا تعتمد على إحصائيات دقيقة، بسبب دخول العمالة الأجنبية بطرق “غير شرعية”، مما يضع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أمام تحدٍ بسبب عدم وجود “إحصاء أعدادهم”، فضلاً عن كون تلك النسبة تفوق قدرة السوق على استيعابهم، إذ أن انتشار هذه الأعداد ساهم بشكل سلبي، والذي سبب بإعاقة برامج التنمية البشرية، بسبب الأجور المنخفضة أو الزهيدة التي يتقاضاها هؤلاء العمال، والتي تسببت عن طريقها في حرمان الشاب العراقي من العمل وتأهيلهم في سد حاجة السوق العراقي، ولا ننسى إنَّ تلك العمالة تعد غير فنية، كون مهامها تُلخص في الغالب ضمن القطاع الخدمي سواء في (المنازل، الأسواق)، ويعد هذا الكسب كمياً وليس نوعياً من الأيادي العاملة الأجنبية.
تأثير العمالة الأجنبية على الاقتصاد العراقي:
الإيجابيات
1- تعزيز الإنتاجية: تساهم العمالة الأجنبية في زيادة الإنتاجية والكفاءة في تنفيذ المشاريع، مما يساعد في تسريع عملية التنمية الاقتصادية
2- تنفيذ المشاريع الكبرى: يمكن للعمالة الأجنبية أن تسهم في تنفيذ المشاريع الكبرى التي تتطلب مهارات وخبرات خاصة، مثل مشاريع البنية التحتية والطاقة.
3- تحفيز المنافسة: قد تؤدي المنافسة بين العمالة المحلية والأجنبية إلى تحسين جودة العمل وزيادة كفاءة العمالة المحلية.
السلبيات
1- إخراج العملة الصعبة: تعد مشكلة خروج الدولار من العراق من أبرز الآثار السلبية للعمالة الأجنبية. إذ يقوم العمال الأجانب بتحويل جزء كبير من أجورهم إلى بلدانهم الأصلية، مما يؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة من الاقتصاد المحلي . إن منافسة العمالة الأجنبية للأيدي العاملة المحلية أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة بين مواطني الدولة، وأدت تلك المنافسة إلى تحويل العملة إلى الخارج عن طريق التحويلات الخارجية المالية التي يقوم بها العمال الأجانب، والتي تسهم في إخراج الدولار من الأسواق المالية المحلية إلى موطنهم، فلو تم الافتراض بأن معدل راتب كل عامل 400 دولار X 1.500.000 عامل = 600.000.000 مليون دولار شهرياً .
600.000.000 X12 = 7.200.000.000 مليار دولار سنوياً، فضلاً عن كون تلك الأرقام “الافتراضية”، قابلة للزيادة والنقصان حسب تقدير مقدار الراتب الشهري والعدد الكلي للعمال الأجانب، فضلاً عن إن عدم وجود احصائية دقيقة يجعل الحكومات العراقية في عدم الشعور بالخطر التي تهدده العمالة الاجنبية على الجوانب التي تضم المحور الاقتصادي التي تخص كمية الأموال الخارجة من داخل العراق إلى الخارج البلاد.
2- البطالة: قد تؤدي العمالة الأجنبية إلى زيادة معدلات البطالة بين العمالة المحلية، خاصة في القطاعات التي يمكن أن تستوعب القوى العاملة الوطنية.
3- الضغط على الخدمات العامة: يؤدي تزايد عدد العمال الأجانب إلى زيادة الضغط على الخدمات العامة مثل الإسكان، الصحة، والنقل، مما قد يؤدي إلى تدهور جودة هذه الخدمات.
4- الضغط على سوق العملة: الطلب المرتفع على الدولار من قبل العمال الأجانب يزيد الضغط على سوق العملة الصعبة، مما قد يرفع من سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي. هذا يؤدي إلى تضخم في الأسعار وزيادة تكلفة المعيشة.
5- التأثير على الاقتصاد المحلي: خروج العملة الصعبة يمكن أن يحد من قدرة العراق على استيراد السلع والخدمات الضرورية، مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي والتنمية.
6- تأثير على سعر صرف العملة: قد تؤثر العمالة الأجنبية على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار من خلال الطلب والعرض على العملة الوطنية، مما قد يؤدي إلى تقليل قيمتها مما يزيد من احتياج السوق للدولار.
ويعتبر تحويل الأموال إلى الخارج من قبل العمال الأجانب أحد الأسباب الرئيسية لخروج الدولار من العراق. يُقدَّر أن نسبة كبيرة من أجور العمال الأجانب يتم تحويلها إلى بلدانهم الأصلية، مما يساهم في تقليل الاحتياطي من العملة الصعبة. عملية التحويل تتم عادة عبر القنوات المصرفية أو شركات تحويل الأموال.
وان الإحصائية الافتراضية أعلاه، تضع النظام المالي العراقي أمام تحدٍ مالي بحاجة لمعالجة وضبط ايقاع تدفق العمالة الأجنبية، فضلاً عن كون تلك المبالغ المالية أغلبها ستحول إلى خارج البلاد بعملة الدولار، وإنَّ كل ما يحدث جاء نتيجة غياب القانون الخاص بتنظيم أعداد العمال، هو الذي سبب في انتشارهم بشكل واسع في المحافظات العراقية.
للتعامل مع مشكلة خروج الدولار، يمكن للحكومة العراقية اتخاذ عدد من الإجراءات والسياسات، منها:
أولاً: ترحيل المخالفين: ويأتي ذلك عن طريق إخراجهم من العراق، لكل فرد منهم من لم يمتلك موافقة دخول رسمية، عن طريق الجولات التفتيشية المستمرة للأماكن العامة التي يتواجد بها هؤلاء.
ثانياً: تطبيق القانون: فرض على الشركات (الأهلية) بأصنافها كافة، تشغيل “عمالة عراقية” وتطبيق إجراءات قانونية على العمالة الاجنبية كـالرسوم والضرائب.
ثالثاً: تحديد وتقييد الحوالات المرسلة للخارج من العمالة الاجنبية، لاسيما الدولار، على أن تكون بنسب لا تتجاوز 50% من راتبه.
رابعاً: إلزام وزارة التعليم والبحث العلمي في استحداث أقسام تتلاءم مع متطلبات سوق العمل والحاجة الفعلية له.
خامساً: دعم النشاط الخاص: يكون عن طريق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لتكون بيئة حاضنة لعمالة محلية، تهدف القضاء على البطالة وبديلة للعمالة الاجنبية.
سادساً: تفعيل فقرة في قانون الاستثمار العراقي، الذي يتيح للشركات الاستثمارية إدخال العمالة الأجنبية للبلاد بنسبة بين 40 – 60 في المائة من العدد الكلي للعاملين في المشروع، ونرى ان اغلب الشركات تستخدم العمالة الاجنبية أكثر من 80% من عمالها.
سابعاً: تشجيع العمالة المحلية: من خلال تقديم حوافز للشركات التي توظف العمالة المحلية، مثل الإعفاءات الضريبية أو الدعم المالي.
ثامناً: تطوير المهارات المحلية: عن طريق الاستثمار في برامج التدريب والتعليم المهني لتزويد القوى العاملة المحلية بالمهارات والخبرات اللازمة.
تاسعاً: مراقبة التحويلات المالية: فرض قيود أو ضرائب على التحويلات المالية إلى الخارج للحد من حجم الأموال المرسلة.
عاشراً: تعزيز السياسات الاقتصادية: من خلال تعزيز بيئة الأعمال المحلية لجذب الاستثمارات وتعزيز الإنتاج المحلي، مما يقلل الاعتماد على العمالة الأجنبية.
حادي عشر: استثمار هذه الأموال: يمكن للحكومة أن تسعى للاستفادة من العمالة الأجنبية عن طريق وضع سياسات تشجع على استثمار جزء من دخلهم داخل البلاد، أو من خلال برامج تحفيزية لإعادة ضخ جزء من هذه الأموال في الاقتصاد المحلي.
وفي ختام أعلاه، العراق بحاجة لمعالجة هذا الملف لما فيه جوانب اجتماعية وسياسية وأمنية ومالية، إذ إنها تهدد الأمن القومي العراقي، ويتم معالجة هذا الملف عن طريق التعاون مع المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي والدولي.