زجاجة عصير الطماطم
زجاجة عصير الطماطم
قصة قصيرة بقلم سلام جار عطية.
سويسرا: شبكة ع.ع .. على اريكة الملل كنت متمددا اشاهد تهافت فضائيات التهريج عندما دخلت والدتي التي عبر بها السن صوب رددناه اسفل سافلين.
كانت اكفّها مُحمرّة ومفاصل يدها تعكس الالم على وجهها الذي اصبح مقبرة آلامنا.
إتجهت امّي الى اسد غابتها الغارق في بقايا دخان سيگارة رخيصة وقد استقر مقعدة على ارضية غرفتنا الباردة على جسده المهموم بالحُمّى.
اسدها ووالدي سرعان ماقرا الحاجة في عيني لبوته, فمدّ يده المرتعشة الى ماتحمله دون ان تخبرهه حاجتها لفتح زجاجة معجون الطماطم, وبعد محاولاته المتكررة وعدم اعترافه بالعجر وسط مراقبتي له, تحجج ابي بانزلاق يده على الزجاجة ولو اتت امي له بقطعة قماش يُمسك بها باب الزجاجة لتمكّن, من فتحها بسهولة دون ان يضطر للتضحية بدشداشته التي احرقتها جمرة سيگارته وكبريائة الذي اذابته سخريتي .
تبادل ابي وآمي النظرات وكأنهم تعرفوا للتوّ على سخرية مؤجلة وقّع عليها القدر. وألان يجب ان يستلموا صكّها عن طريق ولدهم المستشعر الزهو والقوة وسط ضعف وعجز والداه عن فتح زجاجة معجون الطماطم.
امي بيدها المُحمرّة راحت تواسي رجولة ابي بتمسيدها ليده وكأنها تخبره بأنه لازال اسدها.
وأبي الاسد العجوز المجروح من سخريتي يربت على كتف حزنها .
استشعرت الخجل في داخلي بعد ان رأيت لمعان عيونهم وبريق الحسرة فيها وأيقنت التمادي في هستريا ضحكاتي على بؤس محاولاتهم, فتناولت الزجاجة التي اعيتهم وفتحتها بلفة بسيطة وسريعة حاولت من خلالها الاعتذار وسلمتهم الزجاجة التي كان من المفروض ان تطبخ لي والدتي بها ما اشتهي .
لم اتمكن من تفسير تبادلهم لابتسامة غريبة وجها لوجه إلا حين اخبرني والدي بأنهم كانوا يفعلوها في طفولتي ويأتون لي بزجاجة معجون وقد فتحوها نصف فتحة ويمثلون امامي بأنهم عجزوا عن فتحها ويناولوني الزجاجة كي افتحها فترتفع في افواههم كلمات التشجيع والصلوات !
حينها لم يكونوا ساخرين من عجز طفولتي ولم يضحكوا على مسرحيتي الساخرة والتي ادّوا الادوار فيها لاجلي ! .
ويبقى وجهكم بعد الله….ذو الجلال والإكرام.
سلام جبار عطية / سويسرا