من قتل الشيخ النمر؟
من قتل الشيخ النمر؟ قراءة في “الفوضى الخلاقة ، الماسونية ، مشروع الشرق الأوسط”
بقلم : غفار عفراوي
بغداد: شبكة ع.ع .. قد يكون السؤال مكرراً ، إلا أننا يجب أن نُفكّر دائماً ونبحث عن الغاية والهدف من كل عمل، وخصوصاً إذا كان قبيحاً ومرفوضاً من الملايين، كإعدام رجل دين وعالم من علماء طائفة كبيرة جداً.
الجواب على السؤال الأول يقودنا لمعرفة الإجابة عن السؤال الثاني. ويمكن لنا أن نتصور من هم قتلة الشيخ نمر النمر لو علمنا الجهة المستفيدة من ذلك الفعل القبيح. وبمراجعة بسيطة للأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية والإسلامية التي شهدت حروب ومعارك وإغتيالات لشخصيات مهمة ، سنجد أن هناك جهات تقف خلف أغلب إن لم أقل كل تلك الأحداث. فالمعارك في اليمن بين الحوثيين الشيعة وبين التحالف السني الذي تقوده السعودية ، وفي سوريا بين جيش بشار الأسد الشيعي وبين تنظيم داعش وجبهة النصرة المدعومتان من قبل السعودية ، وفي البحرين نجد أن الإعتقالات والقمع والتعذيب في السجون يطال كل المعارضين الشيعة ، وفي لبنان هناك تفجيرات وإغتيالات طالت السفارات الشيعية وتبنتها التنظيمات المتطرفة المرتبطة بالسعودية، وفي مصر ونيجيريا والسودان والصومال وكذلك ليبيا والجزائر وتونس وغيرها. إضافة الى ما تشهده الساحة العراقية منذ سنوات من حرب شيعية سنية والتي أستطيع تسميتها المد والجزر الطائفي حسب ما تقتضيه مصلحة الجهة المستفيدة من إذكاء الطائفية في فترات معينة وإطفائها في فترات أخرى ، سنجد أن النظام السعودي وبعد مجيء الملك سلمان الذي أخلف الملك عبد الله صار عمله مكشوفاً ومباشراً وبلا دبلوماسية كما كان سلفه. وهذا الأمر يقودنا الى عدة أسئلة تخص الملك سلمان وتحتاج الى اجابات دقيقة.. ماذا يريد؟ ومن هو المحرك له؟ ولماذا يريد تخريب المملكة بإداءه الهجومي العنيف ؟
وبالعودة الى جواب السؤال الأول، فإننا نعلم أن الدوائر الاستخباراتية الماسونية موجودة في كل شبر من الكرة الأرضية، عبر وسائل الإعلام، والعملاء، والقوانين الوضعية، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني ، الإنسانية والخيرية، وكذلك فرق كرة القدم، والأفلام الهوليودية والبوليودية، وفي وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وواتس اب وفايبر وغيرها، وكذلك نجدها في ألعاب الأطفال المتنوعة ، ونجد الأفكار الماسونية التسلطية في المؤلفات العربية والغربية وفي القصص والروايات وفي القصائد والأشعار وفي كل شيء.
ومن هنا نستطيع القول أن ما يحدث في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي جميع الدول الإسلامية هو من تخطيط وتدبير الماسونية العالمية وعبر أدواتها من العملاء الأغبياء. وتسمية الأغبياء ليست شتيمة لهم ولكنه الوصف الحقيقي الذي ينسجم مع أفعالهم الغبية، فلو كانوا اتحدوا فيما بينهم وجعلوا شعوبهم هي المحامية والمدافعة عنهم ، لما استطاعت جميع الدوائر العالمية من اختراق صفوفهم ، وأصبحوا قوة عظمى بإمكانها السيطرة على الكرة الأرضية بما فيها .
إن قتل العلماء والمفكرين والمصلحين دائماً يعود بالفائدة على الماسونية العالمية لأنها ستكون بمأمن من التحركات الشعبية والمطالبة بالاستقلال والحرية الحقيقية التي تنشدها الشعوب الحية. فكلما بدأت شعوب المنطقة بالحراكات التحررية، اصطدمت بواحدة من الحوادث الطائفية التي تثير الفتنة بين أبناء الدين الواحد كما يحدث اليوم من تناحر بين السنة والشيعة على الرغم من توحيدهما لرب واحد واعتناقهما دين واحد واعترافهما بنبي واحد.
إن قتل الشيخ النمر هو حلقة من السلسلة المرسومة من قبل الأجهزة الأستخبارية ، وإن كانت الأخيرة فسيكون مقتل هذا الرجل المظلوم هو بداية لحرب طائفية كبيرة لا يحمد عقباها بين عدد من الدول العربية والإسلامية وأبرزها ايران ومن خلفها والسعودية ومن يتبعها، وفي خبر عاجل أثناء كتابة هذه السطور قالت مصادر إعلامية أن السعودية طردت السفير الايراني من أراضيها على خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في ايران . وهذا الخبر هو البداية لأخبار ساخنة أخرى مُعدّة سلفاً ومدروسة من قبل الدوائر الغربية والمخابرات العالمية، خصوصاً وأن الخارجية الأمريكية صرحت اليوم على لسان المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية جون كيربي أن “واشنطن قلقة من ان إعدام رجل الدين الشيعي البارز والناشط السياسي الشيخ نمر النمر والذي من شأنه ان يفاقم التوترات الطائفية في الوقت الذي يستلزم الأمر تخفيف تلك التوترات”..
كما أن التظاهرات الغاضبة والتنديد والاستنكار الذي ساد الدول العربية المناصرة للشيخ النمر مثل البحرين والعراق وايران وغيرها سيكون تأثيره ضمن المخطّط المُعد سلفاً ، خصوصاً اذا ما علمنا أنّ هناك مطالبات بضرب السفارة السعودية في العراق التي افتتحت قبل أيام! وكذلك المطالبة بإعدام الصيادين القطريين المختطفين قبل شهر في العراق وهو مطلب غريب فعلاً لأن الصيادين لا علاقة لهم بإعدام الشيخ النمر كما أن دخولهم الى العراق كان بصورة رسمية .. فمن هو المحرك لهكذا مطالبات ؟؟!!
أتصور أن هناك ارتباطاً معيناً بين الأزمة الأخيرة التي حدثت بين روسيا وتركيا، وبين المعارك المستمرة في العراق وبين اعدام الشيخ النمر. وكذلك التوغل التركي في الاراضي العراقية بلا مسوغ قانوني . وأعتقد أن الخشية من تعاظم الدور الايراني والروسي في المنطقة وتضائل دور تركيا والسعودية في الآونة الأخيرة التي شهدت عودة مصر والعراق وصمود سوريا ، هو الذي دفع السعودية وبالتنسيق مع تركيا ومن ورائها الدوائر العالمية لارتكاب فعلتها المرفوضة بإعدام الشيخ النمر وتحت الشعار الذي أطلقته وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندوليزا رايس في إشاعة الفوضى الخلاقة التي تعقب كل فتنة طائفية وجر الأمة الإسلامية الى المزيد من التناحر الطائفي لزعزعة استقرار المنطقة وإذكاء نار الفتنة وبمساعدة وسائل الإعلام الصفراء والمأجورة وبعض السياسيين الذين يعتاشون على الفتنة بين أبناء البلد الواحد.
ويمكن القول أن نظرية الفوضى الخلاقة التي تديرها وتتلاعب بها الإدارة الامريكية ومن خلفها الماسونية العالمية هي ضربة استباقية لتفكيك كل المواقع والجغرافيات التي تفترض تلك الإدارة أنها تشكل خطراً وتهديداً لأمن ومصالح امريكا في العالم، ومن أبرزها روسيا وايران وكوريا الشمالية وباكستان والهند وحتى تركيا والسعودية وبعض الدول العربية ذات الصبغة الملونة طائفياً وعرقياً. فيكون تفتيت تلك الدول الى مجموعة من الدويلات العرقية والمذهبية والطائفية.
ومن أمثلة الفوضى الخلاقة يمكن اعتبار الدعم اللامحدود من قبل منظمات غربية لبعض منظمات المجتمع المدني وبالأخص المنظمات الداعية الى الحريات الفردية. فتفاعلت المنظمات واغلب أعضائها بصورة عفوية في الشرق الأوسط، وبدأت تتدخل في ابسط القضايا.. فيمنح المجتمع جرعة هائلة من الحرية لم يتعاطاها من قبل على مر حياته، تصاحبها فوضى هائلة. ويعني ذلك إغراق الدولة في حالة من الفوضى بحيث يتم تدمير او تقليل سلطة القانون التي تربط المجتمع الواحد في الدولة ، وتخلق هذه الفوضى حالة جديدة من النظام وتفرض أمراً واقعاً يكون هدفه الرئيسي عادة إسقاط النظام .
وقد يقول قائل إنني أتحدث بنظرية المؤامرة التي أكل عليها الدهر وشرب ، وأجيبه أنك لا تقرأ التاريخ ولا الحاضر ولا المستقبل، فالماسونية العالمية لن تتوقف أبداً عن زرع الفتن وخلق المشاكل في العالم عموماً ومنطقة الشرق الأوسط بالخصوص ما دام هناك إسلام وبعض المسلمين القادرين على تهديد أمن ومصالح أمريكا وإسرائيل. فهذا مستشار الأمن القومي الامريكي “بريجينسكي” يقول في العام 1980 والحرب العراقية الإيرانية مستعرة : ” إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى “. وفعلاً قامت الحرب الخليجية الثانية بعد غزو صدام حسين للكويت وما تلاها من معارك تم على أثرها انكسار الجيش العراقي القوي ومن ثم الثورة الشعبانية التي قامت في مدن وسط وجنوب العراق وتم سحقها تماما بعد أن سقطت أغلب المحافظات العراقية بيد الثوار إلا أن الادارة الامريكية وفي الوقت القاتل أعطت الضوء الأخضر لصدام باستخدام الطائرات لقمع تلك الثورة الخالدة .
والمثال الآخر للحقد والكراهية التي تملأ قلوب وعقول اليهود والماسونية ما صرح به برنارد لويس المؤرخ الصهيوني الامريكي وهو واضع مشروع تقسيم الدول العربية الى دويلات طائفية حيث قال في مقابلة أجرتها معه وكالة الإعلام الامريكية في مايو 2005 ما نصه : ” أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضّرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضّر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات، وتقوّض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة إحتلالهم واستعمارهم ، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الإجتماعية ، وفي حال قيام امريكا بهذا الدور فان عليها ان تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتنان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية الى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب ان يكون شعار امريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدموا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم ان تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم امريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية – دون مجاملة ولا لين ولا هوادة – ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة ، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها ، واستثمار التناقضات العرقية ، والعصبيات القبلية والطائفية فيها ، قبل أن تغزو امريكا واوروبا لتدمر الحضارة فيها “.
ويبرر لويس كلامه ضد المسلمين بانهم يكرهون امريكا بسبب الحسد والحقد الذي ملأ قلوبهم بعد أن كانوا هم أصحاب أعظم حضارة على وجه الأرض ، وكانت جيوشهم أقوى الجيوش التي تستطيع الانتصار في كل الحروب وضد أي قوة في العالم. ثم تغير كل شيء ، فقد غزتهم الدول المسيحية وهيمنت عليهم عسكرياً واقتصادياً وفكرياً وتكنولوجياً .
وللتعرف أكثر على علاقة ما يجرب في المنطقة بالمخططات الماسونية يجب علينا ان نتعرف أكثر على نبذة عن حياة الشخص الذي يقود اكبر حملة ضد الإسلام منذ عقود
ولد “برنارد لويس” في لندن عام 1916م، وهو مستشرق بريطاني الأصل، يهودي الديانة، صهيوني الانتماء، أمريكي الجنسية
يُعد برنارد لويس رجل الشؤون العامة وكان مستشاراً لإدارتي بوش الأب والابن ، وقد ألّف 20 كتاباً عن الشرق الأوسط من بينها “العرب في التاريخ” و “الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط الحديث” و “أزمة الإسلام” و ” حرب مقدسة وإرهاب مقدس”. وقد شارك لويس في وضع استراتيجية الغزو الامريكي للعراق.
كتب “لويس” كثيرًا، وتداخل في تاريخ الإسلام والمسلمين؛ حيث اعتبر مرجعًا فيه، فكتب عن كلِّ ما يسيء للتاريخ الإسلامي متعمدًا، فكتب عن الحشاشين، وأصول الإسماعيلية، والناطقة، والقرامطة، وكتب في التاريخ الحديث نازعًا النزعة الصهيونية التي يصرح بها ويؤكدها. نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالاً قالت فيه: إن برنارد لويس “90 عامًا” المؤرخ البارز للشرق الأوسط وقد وَفَّرَ الكثير من الذخيرة الإيدلوجية لإدارة بوش في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب؛ حتى إنه يُعتبر بحقٍّ منظرًا لسياسة التدخل والهيمنة الأمريكية في المنطقة. وقالت الصحيفة إن لويس قدَّم تأييدًا واضحًا للحملات الصليبية الفاشلة، وأوضح أن الحملات الصليبية على بشاعتها كانت رغم ذلك ردًّا مفهومًا على الهجوم الإسلامي خلال القرون السابقة، وأنه من السخف الاعتذار عنها.
ولا يمكن اعتبار برنارد لويس هو الوحيد في مساعدة الماسونية العالمية في السيطرة على العالم ، فهناك جورج سوروس ممول الثورات الملونة و ممول منظمات المجتمع المدني المفتوح و الداعم لصعود الإخوان للحكم ، وهناك روبرت مردوخ عرّاب الخط الإعلامي التجاري والصحافة الصفراء في العالم، وجين شارب مهندس ثورات اللاعنف والدور الامريكي في شيطنة الربيع العربي .