عقده البنت موروث قبلي يعود بنا الى ايام الجاهليه
تحقيق: حيدر عبد الكريم
مصطفى محمد
عقده البنت موروث قبلي يعود بنا الى ايام الجاهليه
بغداد: شبكة ع.ع .. الساعه الثالثه بعد منتصف الليل وفي جو شتائي بارد وامام مستشفى الحبيبيه للولاده علا صراخ الام الحامل وكثر انينها ومع صراخها علا صراخ الاب بقوله كلامات وقفت في بالي كثيرا اذا كانت المولود بنت القي بها في النفايات او تبرعي بها ولا تاتني بها ..
هكذا يروي ابو محمد قصته في تلك الليله التي كانت بها ايضا زوجته حامل ورزق بمولود ذكر ومن نحس حظ هذه الام الموجوعه انها رزقت بمولود انثى .
وهنا تعالت اصوات الاب المستغربه من الجميع لا ترجعي بها الى البيت القي بها في الشارع او اعطيها لاي شخص هذه البنت لا تدخل الى بيتي ..
وهنا وقف ابو محمد وقد اهتزت مشاعره وانسانيته ليكلم هذا الاب بكلام يحاول ان يهدئ به من روعه ومن غضبه ماذا تريد هذه البيت نعمه من الرب وهي رزقك في الدنيا وهو لايزال مصرا على كلامه وعلى صراخه الذي هز ارجاء المستشفى حينها قرر ابو محمد ان يتبنى هذه البنت وامام الناس انتقف مع ابوها الشرعي على تبني هذه الطفله التي لاذنب لها سوى انها ولدت انثى وقد اتفقوا على ان لا يحق للاب المطالبه بها ولو بعد حين وفعلا سجلت هذه البنت في ساعاتها الاولى باسم اب ليس ولالدها وام ليست امها واصبحت اخت تؤام لاخ ليس اخوها شرعا .
هذه القصه كغيرها من القصص التي انتشرت في المجتمع العراقي في الاونه الاخيره في منظر يعود بنها لايام الجاهليه وايام ما قبل التاريخ حيث كانت المولود الانثى وصمه عار في جبين العائله كلها .
ومن هذا المنطلق قمنا باستطلاع اراء عدد من الفقهاء الدينيين والقانونيين وعدد من الوجهاء القبللين ومجموعه من الخبراء النفسيين واالباحثين الاجتماعيين لمعرفه مدى انتشاره هذه الظاهره في المجتمع العراقي وماهي دوافعها واسبابها وماهي الحلول وماهو الراي الفقهي والقانوني لهذه الحالات .
وعن مدى انتشار هذه الظاهره في المستشفيات العراقيه والبغداديه خاصه قمنا بجوله في عدد منها فكان لقائنا الاول في مستشفى الصدر العام حيث رويت لنا قصص عجيبه عن القاء بعض الاطفال في حدائق المستشفى او في الشارع وقال الموظف في المستشفى رياض عطيه ان هذه الحالات كثير ما تثار للاسف في الاونه الاخيره ومن قبل الاباء الشباب وهذا شئ مستغرب فعلا.
وفي مستشفى العلويه للولاده هناك قصص لا تختلف غرابه عن سابقاتها عن مثل هذه الحالات واكثرها تذهب هذه المواليد الى دور الايتام او بعض الخيرين ممن يتبنوهم .
فهنا مستشفى الهلال الاحمر للولاده تروي قصص كثيره عن مثل هذه الحالات ويقول الممرض عمار حسين كنا سابقا لا نلاحظ مثل هذه الحالات اما في وقتنا الحالي كثرت وبصوره مخيفه وصلت بعظها الى حدود المشاكل العائله والطلاق بسبب تعند الاب او اهل الاب في مواقفهم وكثير ما تقام دعاوي قضائيه من قبل الام لطلب الطلاق او ارغام الاب على قبول تبني المولود.
التقاليد الجاهليه التي تبتعد عن الدين والاعراف النبيله للعشائر هي التي ساهمت في بقاء هذه الحاله
ومن ناحيه اخرى كثير ما القيت هذه المشكله في عاتق التقاليد والاعراف فكان لقائنا مع عدد من الوجهاء القبليين فيقول الشيخ ابو ياسر الجبوري ان هذه التصرفات مرفوضه من قبل الكثير من العقلاء والعشائر لكنها موجوده للاسف في بعض العوائل التي لاتزال متشبثه في هذه التقاليد الجاهليه التي تبتعد عن الدين والاعراف النبيله للعشائر ودعى الى ضروره القيام بحملات توعيه في القرى والارياف للحد من هذه العاده المضره في المجتمع.
ومن جانبه يقول الشيخ احمد القريشي ان هذه التهمه الصقت زورا في جبين الاعراف النبيله للقبائل في ترفضها وان كانت في ايام الجاهليه هي من تتصدى لمثل هذا الموضوع لكننا الان في عصر التطور وعصر التعليم والثقافه فلا اعتقد ان هذه الحالات قد تؤثر على حسن نيه الاعراف التي تحكم الكثير من ابناء البلد ووجه الى ضروره نبذ كافه الاشكال التي تؤدي الى تخلف المجتمع وابعاده الى عصر الجاهليه.
ضغوط الحياه وضغوط المجتمع تؤثر على نفسيه الاب وتجعل موقفه ضعيف امام هذه الحاله
اما من الناحيه النفسيه التقينا بالدكتور رياض محمد الاخصائي النفسي في مستشفى ابن رشد عن اسباب حدوث هذه الحالات فيقول ان الاسباب كثيره منها الضغوط القويه من الاهل او من الاقران او الخوف من المستقبل من صعوبه تدبير الحياه الكريمه للمولود بالاظافه الى نضره الناس العامه الى المولد الانثى والى ابويه باستصغار وهو ما تورثته العادات والتقاليد
العوز المادي وطغيان الطابع القبلي على الكثير من العوائل العراقيه ادى الى توسع هذه الحاله
ومن جانبه قال الاخصائي الاجتماعي في المستشفى احمد عبد الكريم ان هذه الحالات قد تكون سببها قله التعليم قله الثقافه بالاظافه الى العوز المادي وطغيان الطابع القبلي على الكثير من العوائل العراقيه وايضا الغيره من الاقران الذين يمتلكون مواليد ذكور . وكذلك اكد ان لكل بيئه موروثها واختلافها عن البيئه الاخرى فبيئه المدن تختلف عن بيئه الحضر وذلكل بيئه المدن الدينيه وهذا ايضا من المسببات التي ساهمت في انتشار هذه الحاله. ودعى الى تكثيف الحملات الاعلاميه وحملات منظمات المجمتع المدني لتوعيه هذه الشرائح بهذه المشكله
لايمكن للاب التخلي عن مولوده واذا رفض فاللقضاء اجباره في ذلك
اما من الناحيه القانونيه فيقول المحامي عمر الطائي بالنسبه للقانون العراقي لايمكن للاب التخلي عن مولوده واذا رفض فاللقاضي اجباره ع ذلك لانه حق للمولود واذا انكر الطفل فيلجأون الى التقارير والتحليلات الطبيه لاثبات ذلك وكذلك استخدام جميع طرق الاثبات
اما بخصوص التبني أكد وجود ضوابط قانونية صارمة تحكم عملية تبني الأطفال أو ضم الطفل إلى العائلة مع احتفاظه بنسبه ، والتي تتم عن طريق المحكمة ، التي تحيل الطلب إلى دائرة الرعاية أو بالعكس ، حيث يحضر الزوجان إلى الدائرة ويقدمان طلب الضم أو التبني إلينا ، وتجري المحكمة الكشف اللازم الذي يتناول الحالة الأمنية والصحية والأخلاقية والمادية للأسرة الراغبة في الضم أو التبني ويعامل المتبنى معاملة الولد الاصلي من الناحيه القانونيه والاجتماعيه.
موروث قبلي مرفوض من قبل الطبقه المثقفه
وكان للمثقفين والاعلاميين رايا في هذه الموضوع فالتقينا بالكاتب والشاعر عبد السلام القصاب والذي قال بدوره عن هذه المشكله هذه موروث قبلي جاهلي قديم غير مقبول على الاطلاق من قبل الطبقه المثقفه وهو احد اسباب تخلف المجتمع الذي للاسف ابتعد جدا عن الدين وشرائعه النبيله وعن العادات والتقاليد الاصيه ورجع للوراء ودعا الى بناء دوله مدنيه يحكمها القانون والدستور بعيدا عن الاهواء القبليه التي حكمتنا منذ سالف الزمن الى الان .
ومن جانبه قال الاعلامي علي الوادي ان للاعلام دورا في محاربه اي مشكله تحدث في المجتمع واذا ما اخذت هذه المشكله حيزا لها في التغطيه الاعلاميه سواء كانت برامج او حوارات او اي شكل من اشكال التغطيه سوف يطلع عليها عامه الناس وهذا يمكن ان يؤدي الى توعيه الناس وتفهمهم بهذه المشكله التي اذا كبرت في مجتمعنا فسوف نكون في مصاف الدول المتاخره للاسف.
التبني حرام شرعا والوالد الذي يرفض المولود الذكر ماثوم شرعا
وكان للجانب الديني والشرعي رايا في هذا الموضوع اذ استطلعنا اراء الكثير من رجال الدين والفقه واجمعوا على ان الاب الذي يرفض الابوه للمولود الانثى او من يمي بها للغير يعتبر مأثوما ويحاسب حسابا دنيويا وبالاخره هو من الخاسرين .اما في قضيه التبني فهو محرم شرعا وتحرم البنت التي تربى في بيت المتبني عليهم عن بلوغها ويجب تبليغها عن وضعها الحقيقي .وهي ايضا لا يجوز لها حقوق الابناء الشرعيين كالورث وغيرها من الحقوق.
الخاتمة:
– يجب القيام بحملات مكثفه من قبل الوجهاء الدينيين والقبليين ومنظمات المجتمع المدني لقاضاء على هذه الحاله
– و الدعوه الى اصداء قانون يجرم هذه الحاله ويحاسب عليها
– وكذلك القيام بحملات اعلاميه واسعه واصدار نشرات ودوريات لغرض تنضيم الاسره والمساهمه في ردم الهوه بين نضره المجتمع للمولود الانثى